فصل: تفسير الآيات (74- 75):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآيات (74- 75):

قوله تعالى: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان سبحانه قد سخر لصديقه لوط عليه السلام إهلاك من عصاه في أول الأمر بحجارة الكبريت التي هي من النار، وفي آخره بالماء الذي هو أقوى من النار، تلاه به فقال: {ولوطًا} أي وآتيناه أو واذكر لوطًا؛ ثم استأنف قوله: {ءاتيناه} أي بعظمتنا {حكمًا} أي نبوة وعملًا محكمًا بالعلم {وعلمًا} مزينًا بالعمل {ونجيناه} بانفرادنا بالعظمة.
ولما كانت مادة قرا تدل على الجمع، قال: {من القرية} المسماة سدوم، أي من عذابهم وجميع شرورهم، وأفرد تنبيهًا على عمومها بالقلع والقلب وأنه كان في غاية السهولة والسرعة، وقال أبو حيان: وكانت سبعًا، عبر عنها بالواحدة لاتفاق أهلها على الفاحشة.
{التي كانت} قبل إنجائنا له منها {تعمل الخبائث} بالذكران، وغير ذلك من الطغيان، فاستحقوا النار التي أمر المؤلفات، بما ارتكبوا من الشهوة المحظورة لعدهم لها أحلى الملذذات، والغمر بالماء القذر المنتن الذي جعلناه- مع أنا جعلنا من الماء كل شيء حي- لا يعيش فيه حيوان، فضلًا عن أن يتولد منه، ولا ينتفع به، لما خامروا من القذر الذي لا ثمرة له.
ولما كان في هذا إشارة إلى إهلاك القرية، وأن التقدير: ودمرنا عليهم بعد انفصاله عنهم، علله بقوله: {إنهم كانوا} أي بما جلبوا عليه {قوم سوء} أي ذوي قدرة على الشر بانهماكهم في الأعمال السيئة {فاسقين} خارجين من كل خير، ثم زاد الإشارة وضوحًا بقوله: {وأدخلناه} أي دونهم بعظمتنا {في رحمتنا} أي في الأحوال السنية، والأقوال العلية، والأفعال الزكية، التي هي سبب الرحمة العظمى ومسببة عنها؛ ثم علل ذلك بقوله: {إنه من الصالحين} أي لما جلبناه عليه من الخير. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}.
القصة الثالثة: قصة لوط عليه السلام:
اعلم أنه سبحانه بعد بيان ما أنعم به على إبراهيم عليه السلام أتبعه بذكر نعمه على لوط عليه السلام لما جمع بينهما من قبل، وهاهنا مسألتان:
المسألة الأولى:
في الواو في قوله: {وَلُوطًا} قولان: أحدهما: وهو قول الزجاج أنه عطف على قوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ} [الأنبياء: 73].
والثاني: قول أبي مسلم أنه عطف على قوله: {آتينا إبراهيم رُشْدَهُ} [الأنبياء: 51] ولابد من ضمير في قوله: {وَلُوطًا} فكأنه قال وآتينا لوطًا فأضمر ذكره.
المسألة الثانية:
في أصناف النعم وهي أربعة وجوه: أحدها: الحكم أي الحكمة وهي التي يجب فعلها أو الفصل بين الخصوم وقيل هي النبوة.
وثانيها: العلم، واعلم أن إدخال التنوين عليهما يدل على علو شأن ذلك العلم وذلك الحكم.
وثالثها: قوله: {ونجيناه مِنَ القرية التي كَانَت تَّعْمَلُ الخبائث} والمراد أهل القرية لأنهم هم الذين يعملون الخبائث دون نفس القرية ولأن الهلاك بهم نزل فنجاه الله تعالى من ذلك، ثم بين سبحانه وتعالى بقوله: {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فاسقين} ما أراده بالخبائث، وأمرهم فيما كانوا يقدمون عليه ظاهر.
ورابعها: قوله: {وأدخلناه فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصالحين} وفي تفسير الرحمة قولان: الأول: أنه النبوة أي أنه لما كان صالحًا للنبوة أدخله الله في رحمته لكي يقوم بحقها عن مقاتل.
الثاني: أنه الثواب عن ابن عباس والضحاك، ويحتمل أن يقال: إنه عليه السلام لما آتاه الله الحكم والعلم وتخلص عن جلساء السوء فتحت عليه أبواب المكاشفات وتجلت له أنوار الإلهية وهي بحر لا ساحل له وهي الرحمة في الحقيقة. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله وجل: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} فيه تأويلان:
أحدهما: أنه القضاء بالحق بين الخصوم قاله ابن عيسى.
الثاني: النبوة، قاله...
{عِلْمَا} يعني فهمًا.
{وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيةِ الَّتي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَآئِثَ} وهي قرية سدوم.
وفي الخبائث التي كانوا يعملونها قولان:
أحدهما: اللواط.
الثاني: الضراط {ونجيناه} قيل من قلب المدائن ورمي الحجارة. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {ولوطًا آتيناه حكمًا}.
قال الزجاج: انتصب لوط بفعل مضمر، لأن قبله فعلًا، فالمعنى: وأوحينا إِليهم وآتينا لوطًا.
وذكر بعض النحويين: أنه منصوب على واذكر لوطًا، وهذا جائز، لأن ذِكْر إبراهيم قد جرى، فحُمل لوط على معنى: واذكر.
قال المفسرون: لمَا هاجر لوط مع إبراهيم، نزل إبراهيم أرض فلسطين، ونزل لوط بالمؤتفكة على مسيرة يوم وليلة أو نحو ذلك من إبراهيم، فبعثه الله نبيًّا.
فأما الحُكم ففيه قولان:
أحدهما: أنه النبوَّة، قاله ابن عباس.
والثاني: الفهم والعقل، قاله مقاتل.
وقد ذكرنا فيه أقوالًا في سورة [يوسف: 22].
وأما القرية هاهنا، فهي سَدُوم، والمراد أهلها، والخبائث: أفعالهم المنكَرة، فمنها إِتيان الذكور وقطع السبيل، إِلى غير ذلك مما قد ذكره الله عز وجل عنهم في مواضع [هود: 78 والحجر: 69].
قوله تعالى: {وأدخلناه في رحمتنا} أي: بانجائه من بينهم. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}.
{لوطًا} منصوب بفعل مضمر دل عليه الثاني؛ أي وآتينا لوطًا آتيناه.
وقيل: أي واذكر لوطًا.
والحكم النبوّة، والعلم المعرفة بأمر الدين وما يقع به الحكم بين الخصوم.
وقيل: {عِلْمًا} فهما؛ والمعنى واحد.
{وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ القرية التي كَانَت تَّعْمَلُ الخبائث} يريد سَدُوم.
ابن عباس: كانت سبع قرى، قلب جبريل عليه السلام ست وأبقى واحدة للوط وعياله، وهي زغَر التي فيها الثمر من كُورة فلسطين إلى حد الشراة؛ ولها قرى كثيرة إلى حد بحر الحجاز.
وفي الخبائث التي كانوا يعملونها قولان: أحدهما: اللواط على ما تقدّم.
والثاني: الضراط؛ أي كانوا يتضارطون في ناديهم ومجالسهم.
وقيل: الضراط وخذف الحصى وسيأتي.
{إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} أي خارجين عن طاعة الله، والفسوق الخروج وقد تقدّم.
{وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنا} في النبوّة.
وقيل: في الإسلام.
وقيل: الجنة.
وقيل: عنى بالرحمة إنجاءه من قومه {إِنَّهُ مِنَ الصالحين}. اهـ.

.قال أبو حيان:

ولما ذكر تعالى ما أنعم على إبراهيم ما أنعم به على من هاجر معه فارًّا بدينه وهو لوط ابن أخيه وانتصب {ولوطًا} على الاشتغال والحكم الذي أوتيه النبوة.
وقيل: حسن الفصل بين الخصوم في القضاء.
وقيل: حفظ صحف إبراهيم، ولما ذكر الحكم ذكر ما يكون به وهو العلم و{القرية} سدوم وكانت قراهم سبعًا وعبر عنها بالواحدة لاتفاق أهلها على الفاحشة، وكانت من كورة فلسطين إلى حد السراة إلى حد نجد بالحجاز، قلب منها تعالى ستًا وأبقى منها زغر لأنها كانت محل لوط وأهله ومن آمن به أي {ونجيناه من} أهل {القرية} أي خلصناه منهم أو من العذاب الذي حل بهم، ونسب عمل {الخبائث} إلى القرية مجازًا وهو لأهلها وانتصب {الخبائث} على معنى {تعمل} الأعمال أو الفعلات الخبيثة وهي ما ذكره تعالى في غير هذه السورة مضافًا إلى كفرهم بالله وتكذيبهم نبيه، وقوله: {إنهم} يدل على أن التقدير من أهل القرية {وأدخلناه في رحمتنا} أي في أهل رحمتنا أو في الجنة، سماها رحمة إذ كانت أثر الرحمة. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَلُوطًا} قيل: هو منصوبٌ بمضمر يفسّره قوله تعالى: {ءاتيناه} أي وآتينا لوطًا، وقيل: باذكُرْ {حُكْمًا} أي حكمةً أو نبوة أو فصلًا بين الخصوم بالحق {وَعِلْمًا} بما ينبغي علمُه للأنبياء عليهم السلام {ونجيناه مِنَ القرية التي كَانَت تَّعْمَلُ الخبائث} أي اللّواطةَ، وُصفت بصفة أهلها وأُسندت إليها على حذف المضاف وإقامتها مُقامه كما يُؤذِن به قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْء فاسقين} فإنه كالتعليل له.
{وأدخلناه في رَحْمَتِنا} أي في أهل رحمتِنا أو في جنتنا {إِنَّهُ مِنَ الصالحين} الذين سبقت لهم منا الحسنى. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلُوطًا} قيل هو منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى: {ءاتيناه} أي وآتينا لوطًا آتيناه والجملة عطف على {وَهَبْنَا لَهُ} [الأنبياء: 72] جمع سبحانه إبراهيم ولوطًا في قوله تعالى: {ونجيناه وَلُوطًا} [الأنبياء: 71] ثم بين ما أنعم به على كل منهما بالخصوص وما وقع في البين بيان على وجه العموم.
والطبرسي جعل المراد من قوله تعالى: {وَكُلًا} [الأنبياء: 72] الخ أي كلًا من إبراهيم وولديه إسحاق ويعقوب جعلنا الخ فلا اندراج للوط عليه السلام هناك وله وجه، وأما كون المراد وكلًا من إسحاق ويعقوب فلا وجه له ويحتاج إلى تكليف توجيه الجمع فيما بعده، وقيل باذكر مقدرًا وجملة {ءاتيناه} مستأنفة {حُكْمًا} أي حكمة، والمراد بها ما يجب فعله أو نبوة فإن النبي حاكم على أمته أو الفصل بين الخصوم في القضاء، وقيل حفظ صحف إبراهيم عليه السلام وفيه بعد {وَعِلْمًا} بما ينبغي علمه للأنبياء عليهم السلام {ونجيناه مِنَ القرية التي كَانَت تَّعْمَلُ الخبائث} قيل أي اللواطة، والجمع باعتبار تعدد المواد، وقيل المراد الأعمال الخبيثة مطلقًا إلا أن أشنعها اللواطة، فقد أخرج إسحاق بن بشر والخطيب وابن عساكر عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا إتيان الرجال بعضهم بعضا ورميهم بالجلاهق والخذف ولعبهم بالحمام وضرب الدفوف وشرب الخمور وقص اللحية وطول الشارب والصفر والتصفيق ولباس الحرير وتزيدها أمتي بحلة إتيان النساء بعضهن بعضًا».
وأسند ذلك إلى القرية على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فالنعت سببي نحو جاءني رجل زنى غلامه، ولو جعل الإسناد مجازيًا بدون تقدير أو القرية مجازًا عن أهلها جاز، واسم القرية سدوم، وقيل كانت قراهم سبعًا فعبر عنها ببعضها لأنها أشهرها.
وفي البحر أنه عبر عنها بالواحدة لاتفاق أهلها على الفاحشة ويروى أنها كلها قلبت إلا زغر لأنها كانت محل من آمن بلوط عليه السلام، والمشهور قلب الجميع.
{إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْء فاسقين} أي خارجين عن الطاعة غير منقادين للوط عليه السلام، والجملة تعليل لتعمل الخبائث، وقيل: لنجيناه وهو كما ترى.
{وأدخلناه في رَحْمَتِنا} أي في أهل رحمتنا أي جعلناه في جملتهم وعدادهم فالظرفية مجازية أو في جنتنا فالظرفية حقيقية والرحمة مجاز كما في حديث الصحيحين: «قال الله عز وجل للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي» ويجوز أن تكون الرحمة مجازًا عن النبوة وتكون الظرفية مجازية أيضًا فتأمل {إِنَّهُ مِنَ الصالحين} الذين سبقت لهم منا الحسنى، والجملة تعليل لما قبلها. اهـ.

.قال القاسمي:

{وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا} أي: حكمة. وهو ما يجب فعله: {وَعِلْمًا} أي: بما ينبغي علمه للأنبياء. وقد بعثه الله تعالى إلى سدوم فكذبه أهلُها وخالفوه فأهلكهم الله ودمر عليهم ما قص خبرهم في غير ما موضع في كتابه العزيز، وقد أشار إلى ذلك في ضمن بيان عنايته به وكرامته له بقوله: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ} أي: من عذابها: {الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} يعني اللواطة، وكانت أشنع أفعالهم. وبها استحقوا الإهلاك. ولذا ذهب بعض الفقهاء إلى رمي اللوطي منكسًا من مكان عال، وطرح الحجارة عليه، كما فعل بهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنا} أي: في أهلها: {إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} أي: العاملين بالعلم، الثابتين على الاستقامة. اهـ.

.قال الشنقيطي:

{وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}.
قوله: {وَلُوطًا} منصوب بفعل مضمر وجوبًا يفسر {آتَيْنَاهُ} كما قال في الخلاصة:
فالسابق انصبه بفعل أضمرا ** حتمًا موافق لما قد أظهرا

قال القرطبي في تفسير هذه الآية: الحكم: النبوة. والعلم: المعرفة بأمر الدين، وما يقع به الحكم بين الخصوم. وقيل: علمًا فهمًا. وقال الزمخشري: حكمًا: حكمة، وهو ما يجب فعله، أو فصلًا بين الخصوم، وقيل: هو النبوة.
قال مقيده عفا الله عنه: أصل الحكم في اللغة: المنع كما هو معروف. فمعنى الآيات: أن الله آتاه من النبوة والعلم ما يمنع أقواله وأفعاله من أن يعتريها الخلل. والقرية التي كانت تعمل الخبائث: هي سدوم وأعمالها، والخبائث التي كانت تعملها جاءت موضحة في آيات من كتاب الله: منها اللواط، وأنهم هم أول من فعله من الناس، كما قال تعالى: {أَتَأْتُونَ الفاحشة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن العالمين} [الأعراف: 80]، وقال: {أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 165- 166]. ومن الخبائث المذكورة إتيانهم المنكر في ناديهم، وقطعهم الطريق، كما قال تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال وَتَقْطَعُونَ السبيل وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المنكر} [العنكبوت: 29] الآية. ومن أعظم خبائثهم: تكذيب نبي الله لوط وتهديدهم له بالإخراج من الوطن. كما قال تعالى عنهم: {قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يالوط لَتَكُونَنَّ مِنَ المخرجين} [الشعراء: 167]، وقال تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قالوا أخرجوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56] إلى غير ذلك من الآيات. وقد بين الله في مواضع متعددة من كتابه: أنه أهلكهم فقلب بهم بلدهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، كما قال تعالى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} [الحجر: 74] والآيات بنحو ذلك كثيرة. والخبائث: جمع خبيثة، وهي الفعلة السيئة كالكفر واللواط وما جرى مجرى ذلك.
وقوله: {قَوْمَ سَوْءٍ} أي أصحاب عمل سيئ، ولهم عند الله جزاء يسوءهم: وقوله: {فَاسِقِينَ} أي خارجين عن طاعة الله. وقوله: {وَأَدْخَلْنَاهُ} يعني لوطًا {فِي رَحْمَتِنا} شامل لنجاته من عذابهم الذي أصابهم، وشامل لإدخاله إياه في رحمته التي هي الجنة، كما في الحديث الصحيح: «تحاجَّت النَّار والجنة» الحديث. وفيه: «فقال للجنة أنت رَحْمَتي أرحم بها من أَشَاء من عبَادي». اهـ.